تقرير عن الهزات ألارضية في مدينة الرفاعي، محافظة ذي قار

تقرير عن الهزات الأرضية في مدينة الرفاعي، محافظة ذي قار

إعداد

د. واثق غازي عبدالنبي

 مختبر الرصد الزلزالي المتقدم

قسم علم الأرض، كلية العلوم، جامعة البصرة

تمهيد

شهدت مدينة الرفاعي في محافظة ذي قار في الفترة من 31 / 5 إلى 2 / 6 / 2017 عدد من الهزات الأرضية التي شعر بها أهالي المدينة. في هذا التقرير سوف نبين المعلومات التفصيلية الخاصة بتاريخ الهزات الأرضية في مدينة الرفاعي، واجهزة تسجيل هذه الهزات، ونتائج تحليل البيانات المسجلة، فضلاً عن محاولة تفسير أسباب حدوث هذه الهزات الأرضية.

تاريخ الهزات الأرضية في مدينة الرفاعي

من خلال مراجعة فهرس الهزات الأرضية الخاصة بمدينة الرفاعي وللفترة من 1900 إلى وقتنا الحاضر، وجد أن النشاط الزلزالي للمدينة بدأ عام 2004 وأستمر على فترات متقطعة لغاية وقتنا الحاضر. الجدول 1 يبين تفاصيل هذه الهزات الأرضية، والتي تشمل تواريخ حدوثها، وأوقاتها، وموقعها، وعمقها، ومقدارها. عدد هذه الهزات الأرضية هو 23 هزة أرضية، يتراوح مقدارها من 2.6 لغاية 5 وفقاً لمقاييس مختلفة منها مقياس رختر. حدثت هذه الهزات في أعوام مختلفة هي: 2004، 2011، 2013، 2014، 2015، 2016، وأخيراً 2017. الشكل 1 يبين مواقع وتوزيع هذه الهزات الأرضية، والذي يلاحظ منه أن الهزات الأرضية لا يقتصر حدوثها على مدينة الرفاعي فقط، بل أنها تتوزع بين مدن قلعة سكر، وخلف سلمان، والفجر، والنصر، والشطرة على مساحة تبلغ حوالي 50 X 50 كم.

أجهزة تسجيل الهزات الأرضية في مدينة الرفاعي

توجد في مدينة الرفاعي سبعة أجهزة لتسجيل الهزات الأرضية. هذه الأجهزة ذات حساسية عالية، إذ أنها تسجيل الهزات الأرضية ذات المقدار الصغير جداً، وهي تُعرف بأسم أجهزة التردد العالي. تم وضع هذه الأجهزة في شهر آب عام 2014 بالتعاون بين جامعة اركنساس في الولايات المتحدة الأمريكية وجامعة ذي قار. بيانات هذه المحطات يتم ارسالها دورياً إلى مختبر الرصد الزلزالي المتقدم في قسم علم الأرض، كلية العلوم، جامعة البصرة لغرض تحليلها وتحديد مواقع الهزات الأرضية المسجلة ومقدارها. الجدول 2 يبين أحداثيات مواقع هذه الأجهزة، والتي تم رسمها في الشكل 1 بمثلثات صفراء اللون.

جدول 1: تاريخ الهزات الأرضية في مدينة الرفاعي والمدن المجاورة لها مأخوذة من الفهرس العراقي للهزات والذي يبدأ من عام 1900 لغاية وقتنا الحاضر.

جدول 2: احداثيات مواقع أجهزة تسجيل الهزات الأرضية الموجودة في مدينة الرفاعي، محافظة ذي قار.

 الشكل 1: الهزات الأرضية في مدينة الرفاعي والمناطق المجاورة لها في محافظة ذي قار. المثلثات الصفراء تمثل مواقع أجهزة تسجيل الهزات الأرضية المتوفرة لدينا لمراقبة النشاط الزلزالي في المنطقة. النجوم الحمراء تمثل مواقع الهزات الأرضية بالاعتماد على الجدول 1 في اعلاه. الدوائر السوداء تمثل مراكز المدن الرئيسية في منطقة الدراسة. الخطوط البيضاء المتقطعة تمثل الصدوع الأرضية الموجودة في منطقة الدراسة والتي تمتد إلى أعماق سحيقة تصل إلى أكثر من 10 كم.

أسباب حدوث الهزات الأرضية في مدينة الرفاعي

مما سبق يتضح أن مدينة الرفاعي تتعرض إلى عدد من الهزات الأرضية أبتداءً من عام 2004 ولغاية وقتنا الحاضر. وفقاً للمعلومات الجيولوجية السطحية والتحت سطحية فأن مدينة الرفاعي تقع في منطقة تمر بها ثلاث صدوع أرضية متقاطعة، وكما موضوحة في الشكل 1 في أعلاه. هذه الصدوع الأرضية تمتد إلى عمق 10 كم تقريباً، أي إلى ما يُعرف جيولوجياً بصخور القاعدة. وأمتدادات هذه الصدوع تصل إلى سطح الأرض وتؤثر على بعض مظاهره الجيومورفولجية كما هو الحال مع نهر الغراف الذي يمتد على طول أحد هذه الصدوع وهو الصدع الممتد من الشمال عند مدينة قلعة سكر لغاية مدينة الشطرة جنوباً.

نعتقد أن هذه الصدوع الأرضية الثلاث هي المسؤول الأول عن حدوث الهزات الأرضية في مدينة الرفاعي والمناطق المجاورة لها. إن الطاقة الحركية الناتجة من تصادم الصفيحة العربية مع الصفيحة الإيرانية يتم تخزين جزء منها على طول هذه الصدوع الأرضية، وعندما تتجاوز هذه الطاقة حد تحمل الصخور الأرضية فأنها تتحرر بشكل موجات زلزالية عند نقطة معينة على مستوي الصدع. هذه النقطة هي بؤرة الهزة الأرضية.

تُثار هنا قضية دور عمليات سحب النفط أو الغاز من حقل الغراف النفطي الواقع ضمن منطقة النشاط الزلزالي في منطقة الدراسة. إنه من الثابت علمياً، إن عمليات سحب النفط والغاز في عدد من مناطق العالم تلعب دوراً مهماً في تحفيز الصدوع الأرضية على الحركة وتحرير الطاقة المخزونة فيها، وذلك عبر تغيير طبيعة توزيع الإجهادات الأرضية في منطقة سحب النفط أو الغاز. فيما يخص منطقة الرفاعي، فأن الدور الذي يمكن أن تلعبه عمليات استخراج النفط في النشاط الزلزالي المتكرر لا يمكن الجزم بها؛ وذلك لغياب المعلومات الخاصة بكل من كميات النفط أو الغاز المستخرجة، وكميات المياه التي يتم ضخها، ومعدلات الضغط الخاصة بهذا الضخ. بدون توفر مثل هذه المعلومات ومقارنتها مع النشاط الزلزالي في المنطقة، فأن عملية تحديد مسؤولية استخراج النفط أو الغاز عن النشاط الزلزالي صعبة للغاية أو شبه مستحيلة من الناحية العلمية.